جسر المك نمر-رواية-الفصل الثامن

“لكن مروان ليس أباك”، تلك الحقيقة التي نطقت بها طرقات الزقاق وروائحه وجدران مساكنه باتت أكثر وضوحاً في ذهنه حين همست بها الرضية في أذنه، وهي تكمل طقوس الوداع الأخير، قبل أن يحمل أعوامه السبعة وحقيبته الصغيرة المهترئة الأطراف على كتفه، بعد أن احتضنته الرضية بقوة.

تلك كانت آخر مرة يرتمي في حضنها مستسلماً لقدره، وهي تودعه وتوصي صديقتها سعاد بجملة وصايا لم يفهم منها شيئاً. حضن الرضية هذه المرة لم يكن كما سابق عهده، ليست فيه إشارات القلق وذبذباته التي كان يستشعرها دائماً، كان محتشداً بمشاعر السكينة رغم الدموع التي سقطت من عينيها وبللت اطراف رأسه وكأنها تغسل تعب صدرها بتحملها بقاءه معها وتبرئ ذلك الشرخ الذي بدأ رقيقاً داخله بعد أن صار يعلم حقيقة أن مروان ليس هو أباه، الحقيقة التي بات يراها في عينيه حين يطيل النظر إليها في صمت مؤخراً وهو عائد من مشاجرة مع الصبية وملابسه ممزقة. كان لا يدري لمن يوجه صراخه الذي يعتمل في صدر "لقد سئمت هذه الحياة"، وهو بلا أب وأم مجرد كذبة ولكنها كذبة جعلته متماسكاً يرمي بنظرات عينيه إلى أفق بعيد كلما جلس بجوار ضفة النهر يداعب الماء بقدميه الصغيرتين.

تلك كانت اللحظة الفارقة في حياته، وهو ذاهب إلى المدرسة في وسط المدينة وسيقضي أيامه أثناء الدراسة في منزل سعاد، هذا ما التقطته أذناه وهو يستمع إلى المرأتين الأقرب إلى الهمس فيما لا تزال عيني الرضية مغرورقتان بالدموع. يذكر ذلك اليوم جيداً ولا يغيب عن ذاكرته حين التفت دون إرادة منه إلى الوراء وكأن قوة تجذبه ليلقي بنظرة أخيرة إلى الزقاق وصدره فائض بشعور من السعادة لم يتذوقها من قبل، لا يعلم إن كان بسبب مغادرته الزقاق وذلك الواقع الذي غرس غمده المسموم بين ثنايا روحه الطفلة، وها هو ينزعه ويرمي به خلف ظهره ويسير مملوءاً بالحرية وقدماه الصغيرتان لا تكادان تثبتان على الأرض من فرط سرعته، أم كانت تلك السعادة لأنه يسير بجوار سعاد القابضة على معصمه الصغير بيدٍ مرتعشة بكل قوتها.

لطالما كانت تثير فيه إحساساً لا يدرك كنهه عندما يراها بثوبها القصير جالسة بجوار الرضية في تلك الجلسات التي تتوافد إليها نساء الزقاق وأحياناً أخريات من خارج الزقاق، وتضج الجدران بالضحك ودخان البن المقلي يتصاعد استعداداً لأحاديث عامة وخاصة تدفعها القهوة المسكوبة إلى ذروتها. لا يعلم سبباً لارتيادها لهذه الجلسات على فترات متقطعة، ولكنه يذكر أول مرة جاءت فيها إلى دار الرضية وقضت معها أكثر من ثلاثة أيام بلياليها، كان وجهها شاحب يعصر تقاطيعه الألم، ثم بعد ذلك صار حضورها أكثر صخباً وضجة تنتظره النساء ليحرك ذلك الجمود الذي يعشنه بين الجدران الطينية. فالأحاديث وقتها تتجاوز كل الحدود، وكثير من قصص المدينة وحياتها السفلية التي تنقلها سعاد إلى مجلس القهوة تظل مثار تندر وتلوكها الألسن لفترات طويلة، بل إن بعض النساء ينقلنها إلى مخادع أزواجهن أملاً في ليالي أكثر إثارة وشغفاً.

أدرك عبد السيد منذ لحظة دخوله الأولى إلى الدار الواسعة التي تسكن فيها سعاد في وسط المدينة، سر ذلك الاحتفاء الذي تستقبلها به النسوة في الزقاق، لكنه أدرك أيضاً إنه فارق الزقاق مرة وإلى الأبد. هنا عالم آخر لم يخطر على باله ولا يستطيع عقله الصغير احتواءه والحركة تموج من حوله كل الوقت. عيناه اللتان كره لونهما الأخضر أصبحتا مفتاحه للعالم الجديد، بدأتا تشعان وتتسع حدقتاهما كلما زادت مساحات رؤيتهما لما حولهما لاستيعاب تفاصيل المشاهد التي تتحرك أمامه بسرعة لم يعهدها من قبل. ليس عينيه فحسب بل عقله الذي أصابه بعض الاضطراب لكثرة ما صار يختزنه من صور وأحاديث مختلفة في فترات قصيرة ومتلاحقة، وهو الذي اعتاد على لغة الزقاق والمشاهد المتكررة يوميا في رتابة جعلت كل الأشياء متشابهة لا تستحق الحفظ وتتساقط من خلال ثقوب الذاكرة.

الناس هنا أكثر أناقة، خليط لا يشبه أهل زقاق الخواجة، بينهم الكثير من الخواجات حيث لا يكاد يخلو شارع من أحدهم أثناء النهار أو في ساعات الليل. التقت عيناه بالكثيرين من أصحاب العيون الخضر داخل صحن الدار الواسعة أو في الطرقات وهو في طريقه إلى المدرسة صباحاً وكثيرا عندما يتاح له التجول عصراً في تلك الطرقات الواسعة، إنهم الانجليز وغيرهم من القادمين بصحبتهم أو من بقي منهم سالماً عقب سقوط وخروج الأتراك. إنهم الخواجات كما يحلو لسعاد أن تناديهم. كنت ترى أحدهم يتردد على غرفتها من حين لآخر أثناء عودتك من المدرسة  إلى أن فهمت أخيراً إنك تسكن في وسط جمع من غرف العاهرات، وسعاد تبدو كزعيمة وسطهن حين تراها تأمر إحداهن أو حتى تطردها من الحوش الكبير الذي يضم تلك الغرف.

إحساسه بالحرية يتعاظم كل يوم، وغادرته تلك الهواجس التي تتملكه حين كان يرى سعاد في الزقاق، تلاشت وسط زحمة النساء اللائي صار يراهن كل لحظة بعيون تفيض دهشة، وهن ولا يعرنه التفاتة. كان وجوده بين تلك الغرف الصغيرة المنتشرة في ارجاء الدار لا يثير قلق الفتيات، كان يراهن على طبيعتهن في كثير من الأحيان، وأحيانا وهن في كامل عريهن، وصرن لا يثرن قلقه. رغم غرابة وضعه كان مثار اهتمامهن جميعا، وهو ما جعله سعيداً، بل تجاوز الأمر الفتيات إلى رواد الدار من الرجال.

إنه عالم آخر غير عالم الرضية وصدور يراها شبه عارية أو حتى عارية لكنها لا تشبه صدر الرضية الذي كان يمنحه الدفء. سعاد التي كان يراها غارقة في السعادة وهي تحتسي القهوة تحت ظل الشجرة في بيت الرضية، هي أكثر صرامة وتجهماً حين تستيقظ من نومها بعد منتصف النهار. حسناً انها اختارت له غرفة صغيرة في أطراف الدار دون أن تتدخل كثيراً في تفاصيل حياته، بعد إكمالها ترتيبات دخوله المدرسة مع أقرانه. وبعد أن رأته يدبر أحواله في الدار معتمداً على نفسه مع مرور الوقت ومضي السنوات، تجاهلت مصروفاته اليومية، لكنه لم يكترث كثيراً لذلك بل صار مرتبطاً بها أكثر وهي تشجعه على الاجتهاد في دراسته.

كان يفتقدها أحياناً ولا يراها في أحايين كثيرة أثناء الليل عندما ترتدي ملابسها الأنيقة وتستقل العربة التي تنتظرها أمام بوابة الدار. تبدو له كأميرة خارجة من بين صفحات بعض الكتب التي بدأ يقرأها، أو ساحرة من الساحرات الجميلات في حكايات بعض الفتيات كن يتسلين بها في أوقات فراغهن. لكنه ذات ليلة صادفت نهاية عام دراسي طويل ومرهق، اصر على الخروج معها وصادف أن كان مزاجها رائقاً وحفزتها نتيجته الدراسية التي أحرزها بنهاية العام. 

ذاك هو العالم الآخر، حيث توقفت بهما العربة بعد مسيرة دقائق معدودة أمام قاعة في وسط المدينة. كانت ليلة صاخبة لم تشهد لها مثيلا من قبل، وتلك الأضواء التي تزيل ستار الليل عن الوجوه والموائد الممتدة في أرجائها يجلس حولها خليط من الرجال وبعض الفتيات يتحركن هنا وهناك. أكثر الموجودين من الخواجات لا تكاد تميز بينهم، وهناك بعض أبناء بشرتك لكنهم لا يشبهون سكان الزقاق. كانت سعاد هي راقصة الصالة الأولى والكل محتفٍ بها أثناء مرورها. إندهاشه بتلك الحقيقة لم يتجاوز ثوان عندما أدرك في تلك الليلة أهمية عيونه الخضر حين احتواه ذلك الانجليزي وهو يطيل النظر في عينيه تملؤه الدهشة ويجيل النظر في جسده النحيل الصغير، ثم يلفت إليه أنظار من يجلسون بجواره وآخرين في الموائد المجاورة. عندما علموا أنه جاء برفقة سعاد زاد صخبهم وأصروا عليها أن تأتي إلى مائدتهم بعد أداء وصلتها. كانوا يغمزون بأن الذي يقف أمامهم هو ابنها رغم تناقضات لون البشرة، فسعاد بشرتها نحاسية أقرب إلى البيضاء لا علاقة لها بتلك البشرة السمراء المائلة إلى السواد ، فهي قد جاءت مع فوج من الجنود الإنجليز قدم منذ سنوات طويلة من مصر لاستبدال قوتهم هنا. كانت راقصة وغانية صغيرة السن حينها إلى أن أصبحت نجمة صالة غردون مع مرور الوقت. لا أحد يعرف أصولها ولكنها تزعم أنها مصرية من بورسعيد، أحيانا تقول إنها من الأرمن ومرات تقول إنها إغريقية حسب المائدة التي تتوسطها في الصالة لتضفي البهجة على الرواد.

صاح فيها أحدهم وقد بلغت به النشوة ذروتها:

- إذاً أنتي لم تجهضي الجنين كما سمعنا قبل سنوات.

الآن أدرك عبد السيد سر ذاك اليوم الذي جاءت فيه وكانت بادية الإرهاق، الآن أدرك سبب صلتها بزقاق الخواجة التي كانت مثار استغراب الكثيرين هناك، خاصة علاقتها الوثيقة بالرضية. الآن يعلم سر الهمس الذي يدور هنا وهناك بين جنبات دار سعاد، كلما ارتفعت موجات التذمر وسط بعض الفتيات. يقولون إنها كانت حاملاً من أحد الجنود الانجليز، وإنها لجأت إلى قابلة في أطراف المدينة أجرت لها عملية إجهاض. عندما يشتد الغضب بإحداهن منها كانت آخر ما تقوله لها وهي تحمل حقيبتها مغادرة الدار "يا عاهرة الانجليز". يعلم عبد السيد أن جميعهن عاهرات وعندما يرفعن أرجلهن في الليل لا يفرقن بين هذا وذاك في غمرة النشوة الكاذبة والغنج الذي يزيد من حصيلة ما سيتلقينه من مقابل. لقد عاش وسطهن زمناً كافياً ليدرك في أي وسط يعيش. لم تطاوعه نفسه على مغادرة هذا الماخور، وكأنما وجد روحه المفقودة هنا حيث النسوة يغسلن أعضاءهن من بقايا ماء الرجال الذين يتناوبون عليهن ليل نهار، ويدلقن أكثر من مشروع لعبد السيد في عرض الشارع دون أن يطرف لهن جفن.

مع مضي السنوات قذف بكل ترهات الزقاق التي كانت تؤرقه من حين لآخر رغماً عنه خلف ظهره، حتى الرضية ما عادت تؤرقه صورتها التي بدأت في التلاشي مثل تلك الدموع التي استقرت على رأسه يوم أن غادرها ثم تبخرت وزال ملمسها وهو يحث الخطة بقديمه الصغيرتين وكل خطوة تتفتق تحتها ثقة كان قد افتقدها أثناء حصاره في الزقاق بابن الحرام. هنا وجدته نفسه الضائعة لتتماهى مع ما حولها دون إحساس بالغرابة، وكأنها عاشت طوال حياتها بين تلك الأحياء وداخل جدران المدرسة وفي صالة غردون التي صار يعمل فيها في العطلات المدرسية.

إلى أن جاء اليوم الذي أعاد للأحداث سيرتها الأولى، عندما صاحت سعدية أزرق في نشوة نادراً ما تظهرها في العلن:

- المنصور ود المكي جاء يا بنات.

أول مرة يلتقي بأبيه الحقيقي، الذي ظل إسمه يطرق أذنيه عندما ينادونه في الزقاق بـ"إبن الحرام"، وجهاً لوجه كانت داخل أروقة الدار عندما جاء ومعه حاشية من الأصدقاء، مما دفع بسعدية لإعلان وجوده بتلك الطريقة الصاخبة. 

منذ خروجه من الزقاق وهو يحاول محو آثار تلك الرائحة التي ظلت عالقة به، مجتهداً في طمس كل معالم الانحناءات التي رسمت خطوطها في ثنايا روحه. كان خروجاً أراد له الكمال، مثلما يخلع الثعبان جلده ويلقي به على قارعة الطريق أو بين تلك الصخور البارزة جوار الشاطي في غير أوقات الفيضان كلما ازداد جسده بسطة وضاق عليه الرداء، عندما أعطى ظهره لتلك البيوت التي تفوح منها رائحة الطين المخلوط بروث الحيوانات. لم يلتفت خلفه سوى مرة واحدة وقمع بكل قوته دمعة كادت أن تقفز من إحدى مقلتيه، وصورة الرضية تراوح مكانها أمام ناظريه وهي تحضنه بقوة. لم تنبس ببنت شفة في تلك اللحظة ، وهي المعروفة بالثرثرة طوال حياتها وبضحكتها الفريدة التي تنثر الفرح في أرجاء الزقاق، ولا تقف عند حدود سور منزلها وإنما تتجاوزه إلى بقية جيرانها وربما يصل صداها إلى أطراف الشارع.

يوم أن رأى المنصور ود المكي بقامته الطويلة وبشرته السمراء، نظر إلى نفسه من داخلها إلى خارجها فوجده مسكوناً فيه بخلاف عينيه البنيتين. كان يصغر مروان الذي لا يزال يحمل اسمه، بسنوات عديدة، يسبق خطواته غرور ظاهر بمكانته تشي به تلك النظرات والاهتمام بتعديل جلبابه من حين لآخر دون سبب ظاهر. سرعان ما خرج عبد السيد من سجن ذاكرته البعيدة وأثر الابتعاد عنه وعن محيطه، "حسناً انني لا أحمل في ذاكرتي صورة لأمي السارة" قالها عبد السيد تسيطر عليه رغبة بأن يقذفه بها أثناء جلسات المجون التي كان يقيمها لأصحابه، بعد أن اعتاد ارتياد الدار بعيداً عن البيت الكبير، "ربما كان كان هذا الرعديد مغرماً بسعدية أزرق"، لكنه لا يكترث لذلك كثيراً متحاشياً الدائرة التي يتواجد فيها المنصور ورفقاءه.

ظل الضباط والجنود الانجليز طوال وجودهم يحيطونه باهتمام خاص حين يلتقونه في طريقهم داخل الدار أو عند عمله في الصالة بصحبة سعاد، حتى انطلق لسانه محاولاً الحديث بلغتهم في بعض الأحيان فأجاد لغتهم رغم صغر سنه. لن ينسى ذلك اليوم الذي كان متواجداً فيه وسط جمع كبير من الناس داخل أسوار محطة السكة الحديد وسط المدينة ، كان يوما مشهوداً لم ير جمعاً كهذا من قبل ولا يفهم كثيراً ما كان يجري حوله، لكنه يهتف مثلما يهتفون ويردد تلك الشعارات دون أن يعي لها معنىً. وحين رأى تلويح الجنود الانجليز بأياديهم مع بدء مسير القطار المتجه شمالاً، علم أن فصلاً جديداً من حياته قد بدأ، فانهمرت عيناه بالدموع كما لم يفعل من قبل في كل لحظات تعاسته وسعادته. بكى بحرقة وانطفأ ذلك البريق في عينيه فصار باهتاً، شعر بذلك أثناء محاولاته اختراق الحشود ببصره. ذلك البكاء أثار الواقفين من حوله فصاروا يبكون انفعالاً بالحدث ويرددون هتافاتهم بالجلاء وتنطلق الأناشيد وترفرف الأعلام. يرى دموعهم تفيض من عيون غمرتها السعادة، فيما يشعر هو باليتم أكثر من ذي قبل، ولا يدري سبباً لذلك.

عيناه الخضراوان هما السر ومفتاح بوابة الحياة بالنسبة له، بعد الواقع الجديد الذي وجد نفسه خائضاً فيه بكلتا قدميه. وقعهما ذو تأثير سريع، لم يتغير ذلك عندما كبر قليلاً وهو يرى كبار رجالات الدولة الجدد وتجارها وموظفيها، يتسللون في العلن وخفية إلى الدار ويختفون داخل تلك الغرف الضيقة. لم تشغله المدرسة عن البحث في دروب الحياة والتقرب إلى هذا العالم الذي انفتح لك. أصبح الان هو الوحيد صاحب العيون الخضر في هذا الوسط لتنفتح أمامه أبواب لا تفتح لللآخرين. وكلما كبر في العمر توثقت صلته بتلك الأسماء الكبيرة من كبار ضباط الأجهزة الأمنية والجيش وكبار الموظفين والتجار. من هنا انطلقت حياته فالكل يستهين به ولا يخشاه، بل على العكس من ذلك جميعهم يأمنون جانبه ويستعينون به في جلسات أكثر صخباً وإثارة بعيداً عن العيون، كانت تلك بدايات صفقاته وتجارته الرابحة. دارت لعبة الحياة على طريقتها بانفتاح كبير وصار ممسكاً بقبضته على مفاصلها دون أن يترك أثراً يدل عليه ولا على المحيطين به، لكنه ظل متمسكاً بوجوده في محيط الدار رغم انتقاله إلى السكن خارجه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق