د. بابكر عمر الحاج موسى يكتب لـ"المدونة": ذكريات كأس افريقيا

* اليوم الاثنين السادس من فبراير من العام 2023 يوافق ذكرى مرور 53 عاما على انطلاق فعاليات دورة امم افريقيا السابعة بالسودان  فى يوم الجمعة الموافق 6 فبراير من العام 1970 التى نظمها الكاف وفاز بها فريقنا القومى لكرة القدم لأول مرة ولآخر مرة حتى الآن.

الصورة: إرشيف الصحف السودانية

تسلم الكأس كابتن السودان أمين محمد زكى من اللواء  جعفر محمد نميرى رئيس مجلس الثورة باستاد الخرطوم مساء الاثنين الموافق  16 فبراير 1970، وقد شاءت محاسن الصدف أن يكون ذلك اليوم موافقاً لأول أيام عيد الأضحى المبارك العاشر من  ذى الحجة عام 1389 هجرية.

* على ملعب استاد الخرطوم وفى يوم 6 فبراير 1970، فاز السودان بقيادة أمين زكى على أثيوبيا بقيادة منجستو بثلاثية دون رد، كما فازت الكاميرون بقيادة باسكال على ساحل العاج بقيادة بوكو بثلاثة أهداف لهدفين.

* فى اليوم التالى الموافق 7 فبراير وفى استاد واد مدنى فازت غانا على الكنغو كنشاسا حاملة اللقب بهدفين دون رد، كما فازت مصر على غينيا بأربعة أهداف لهدف.

* فى يوم الأحد 8 فبراير فازت الكاميرون على أثيوبيا بثلاثة أهداف لهدفين، بينما خسر الفريق السودانى بهدف من ساحل العاج جاء فى الثوانى الأخيرة من عمر المباراة.

* كان يوم الاثنين التاسع من فبراير يوم التعادلات باستاد وادمدنى حيث تعادلت غانا مع مصر بهدف لكل، وتعادلت الكنغو كنشاسا وغينيا بهدفين لكل فريق.

* كان يوم الثلاثاء العاشر من فبراير يوماً طيباً فى تاريخ كرة القدم السودانية، حيث فازت ساحل العاج على أثيوبيا بستة أهداف لهدف. وفاز فريقنا السودانى على الكاميرون فى ملحمة كروية رائعة بهدفين لهدف، وذلك باستاد الخرطوم. وبذلك تصدرت ساحل العاج المجموعة بينما جاء فريقنا في المركز الثانى وتم إقصاء أثيوبيا والكاميرون.

* فى يوم الاربعاء 11 فبراير بواد مدنى فازت مصر بهدف على الكنغو كنشاسا بينما تعادلت غينيا وغانا بهدف لكل فريق وبذلك تصدرت مصر المجموعة بينما جاءت غانا فى المركز الثانى، وخرجت الكنغو كنشاسا وفقدت اللقب وخرجت معها غينيا من المنافسة.

* تم اختيار المقدم عبدالفتاح حمد مدربا للفريق القومى السودانى، كما تم اختيار عدد مميز من لاعبى تلك الايام الجميلة وهم:

عزيز.. النور.. زغبير.. جيمس.. عوض كوكا.. امين زكى.. نجم الدين حسن.. السر كاوندا. سليمان عبدالقادر.. عوض عبدالغنى.. سمير صالح فهمى.. بشارة عبدالنضيف.. بشرى وهبة.. رمضان مرحوم.. عبدالكافى.. عزالدين الدحيش.. على قاقارين.. بشير عباس.. حسبو الصغير.. جكسا.. الاسيد..بابكر سانتو.

* قبل المباريات كان معسكر فريقنا بوادى سيدنا و تم نقله قبل بداية الدورة بيوم واحد فى الخامس من فبراير إلى منزل قريب من القيادة العامة للقوات المسلحة بالخرطوم 

* استجاب السير استانلى راوس رئيس الاتحاد الدولى لدعوة السودان وشرف تلك الدورة بالحضور، وكانت الدورة السابعة.

* التنظيم كان رائعاً فى كل شىء بشهادة الجميع وكانت دورة متميزة من كل النواحى، على سبيل المثال لا الحصر كانت هناك قاطرة سريعة تنطلق إلى واد مدنى يوميا ليتمكن من يرغب فى حضور مباريات مجموعتها والعودة عقب المباراة.

* كانت تدريبات المجموعة الثانية بمدنى تجرى فى ملاعب نادى أهلى مدنى وميدان الحرية وميادين حنتوب الراقية. كنت  حينها طالبا بالمدرسة وتمتعنا بمشاهدة أبوجريشة وبوبو والشاذلى ولاعبى الكنغو كنشاسا وغانا وغينيا. أقام فريق مصر بفندق الخواض واستقرت فرقة غانا بفندق الكونتينينتال واستضاف فندق الجزيرة منتخب الكنغو كنشاسا بينما كان مقر المنتخب الغينى استراحة بركات. وقد لاحظنا عدم التوافق بين لاعبى الزمالك والاسماعيلى والمشاكل التى كانت بين كابتن مصر "يكن" ولاعب الاسماعيلى "سيد عبدالرازق"، والتى وصلت الى مرحلة الاشتباك بالأيدي، وفشل رئيس البعثة محمد حسن حلمى زامورا فى جلها مما نجم عنه تسليم قيادة منتخب مصر للاعب الترسانة  الشاذلى ولم يشارك كابتن "يكن" فى كل المباريات.

* كابتن محمد لطيف تمكن من بث ونقل بعض المباريات من تلفزيون السودان ولاحظنا انحيازه التام لمباريات فريق الجمهورية العربية المتحدة آنذاك.

* كابتن تيسما رئيس الاتحاد الأثيوبى كان متواجداً دائما خلف فريقه الذى خيب الآمال.

* الفريق القومى السودانى شارك فى نهائيات كأس افريقيا لكرة القدم عام 1957 بالخرطوم فى الدورة الاولى لمنافسات كأس الأمم وفشل فى انتزاع الكأس فى النهائى من مصر باستاد الخرطوم.

* لعب فريقنا المباراة النهائية ضد الفريق الغانى باكراً عام 1963 وخسرها بثلاثة أهداف دون رد وفشل مرة ثانية فى انتزاع الكأس من غانا.

* فى الدور قبل النهائى فى يوم السبت 14 فبراير وباستاد الخرطوم، فازت غانا ثانى مجموعة مدنى على ساحل العاج أول مجموعة الخرطوم بهدفين لهدف وشاءت الأقدار أن يفوز فريقنا القومى السودانى ثانى مجموعة الخرطوم بنفس النتيجة على الفريق المصرى أول مجموعة مدنى.

* فازت الفرق الثانية فى المجموعتين على أوائل المجموعتين وكان ذلك من مفارقات كرة القدم المجنونة.

* كانت مباراة فريقنا مع منتخب مصر ملحمة كروية عظيمة استمتع بها الجمهور داخل الاستاد وخارجه، وانتهت بعد الزمن الاضافى بهدفين لهدف.

* اللاعب نجم الدين حسن واللاعب سمير صالح أصيبا فى الشوط الاول نتيجة الاصطدام بالرأس، حمل بعدها الكابتن سمير إلى مستشفى الخرطوم و لم يشارك حتى نهاية الدورة ،بينما شارك الفارس نجم الدين حسن دقل فى كل المباريات بما فيها المباراة النهائية رغم الإصابة وخياطة جبهته بعدد من الغرز وأحرز هدف السودان الأول (الهدف احرزه المرحوم الكابتن نجم الدين حسن دقل رغم أن بعض الصحف قد كتبت إسما اخر)، الذى عادله الشاذلى. لكن، وبعكسية لولبية من الكابتن الذى لا  يتكرر نصرالدين عباس جكسا إلى المرحوم لاعب نيل مدنى الفذ الإسيد تمكن من القفز إلى ما فوق أيدى  حارس مصر حسن مختار وأودعها فى الشباك المصرية كأغلى هدف فى الدورة.

* تذكرت لاعبنا الإسيد حينما أحرز لاعب المغرب هدفاً شبيها به، برأسه فى كأس العالم الأخير بقطر، الا رحم الله لاعب المدرسة العربية بمدنى و مهاجم نيل واد مدنى الخطير اللاعب المؤدب الخلوق الإسيد وأحسن إليه.

* فشلت كل من مصر وساحل العاج فى العبور إلى المباراة النهائية التى كانت بين غانا و السودان.

* توج السودان بطلاً للأمم الأفريقية لكرة القدم فى يوم الاثنين 16 فبراير من العام 1970 باستاد الخرطوم، إثر تغلبنا على الفريق الغانى بهدف دون رد جاء نتيجة تمريرة من نجم الدين للإسيد الذى أرسلها لحسبو الصغير فأودعها فى الدقيقة التاسعة من عمر المباراة على يمين حارس اشانتى كوتوكو وغانا العملاق روبيرت منسا (اشتهر بربط رأسه بعصابة بيضاء!) فى المرمى الشمالى من استاد الخرطوم لتعم الفرحة كل السودان.

* فازت مصر على ساحل العاج ونالت الميداليات البرونزية  لكن الفريق الغانى رفض الصعود إلى المنصة لاستلام الميداليات الفضية رغم النداء باللغات العربية والانجليزية والفرنسية. اضطرت وزارة الخارجية السودانية إلى استدعاء السفير الغانى وتم إبلاغه بطرد البعثة الرياضية من السودان وضرورة خروجها من الخرطوم فى نفس اليوم، مما نجم عنه سفر الفريق الغانى إلى أديس أبابا  قبل الساعة الثانية عشرة من مساء نفس اليوم الذى توج فيه فريقنا باللقب.

* كان طرد الفريق الغانى مناسباً لتعمدهم عدم استلام الميداليات مدعين ظلم الحكم الدولى الأثيوبى تسفاى لهم. وكان حكماً واعياً عادلاً بشهادة جمهورنا السودانى المنصف دائماً والذى شجع هداف الدورة لاعب ساحل العاج القدير بوكو  فى مباراة ساحل العاج ضد السودان.

* استلم السودان فى اليوم التالى مباشرة لنهاية الدورة الأفريقية السابعة اعتذاراً من الرئيس الغانى للهفوة الكبيرة من بعثة كرة القدم ومنتخبهم القومى، وتقدم بالتهنئة لفوز السودان عن جدارة، كما جاء فى الاعتذار.

* اتحاد الكرة البرازيلى، وقبل وفاه لاعب القرن بيليه، جمع باستاد ازتيكا بالعاصمة المكسيكية ميكسيكو سيتى، اللاعبين الذين كانوا على قيد الحياة آنذاك وشاركوا فى فوز البرازيل بكأس العالم عام 1970 فى نفس ذلك الاستاد وتمكنوا من الاحتفاظ بكأس رئيس الاتحاد الدولى الفرنسى جول ريميه للأبد بعد فوزهم به لثلاثة مرات.

* لماذا لا يجتمع فى استاد الخرطوم جكسا والدحيش وعلى قاقارين وحسبو وبشارة وغيرهم من أفذاذ أبطال الكرة السودانية الأحياء لنجتر معهم عبق الأيام الكروية السعيدة فى تاريخ السودان، منذ أيام العباقرة صديق منزول وبرعى احمد البشير وعثمان الديم وبكرى عثمان وجقدول وعوض الكباكا والفاضل سانتو وكمال النجحا وفوزى المرضى ولبودى ومحجوب الله جابو إلى آخر نجوم السودان المتميزين الجميلين.

* رحم الله من انتقل من لاعبى فريقنا القومى ومتع الذين ينتظرون بالصحة والعافية.

آمييبن 

د. بابكر عمر الحاج موسى

الاثنين السادس من فبراير 2023

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق