أمير بابكر عبدالله
نبهتني شخصية فاضلة، في رسالة إلكترونية، إلى
أن شخصية تحمل إسمي الثلاثي بكامل حروفه وتستغل هذا التطابق في نسبة ما أكتبه من
مقالات وربما غيرها إلى نفسها، أو كما قال "رزق ساقه الله إليه". ومحتوى
الرسالة، لا يشي، وإنما يصرح بالقلق من هذا السلوك. كان اول ما خطر في ذهني هو
استخدام هذا التطابق في الإساءة إلى شخص ما وتنسب تلك الإساءة إلى شخصي، وكتبت
لتلك الشخصية الفاضلة إن ما عدا ذلك لا يقلقني فحبل الكذب مهما طال فهو قصير.
هناك الكثير من الطرائف والمقالب والمواقف
المحرجة التي حدثت نتيجة لتطابق الأسماء، وأحياناً حتى الإسم الرابع. وكثيراً ما
شهدت قوائم المنع من السفر في ظل الأنظمة القمعية مواقف أدت إلى تعطيل مصالح
وتاخير أصحابها، مثلما انتهت كثير من المواقف بضحكات تريح القلب.
من الأشياء التي تشد الانتباه للتطابق في
الأسماء، هي ما لاحظته في العناوين وأسماء الشوارع وحتى لون البنيات السكنية في
كثير من المدن السوفيتية، عندما كان هناك بلداً يسمى بالاتحاد السوفيتي. وأرجو أن
يكون امير الآخر قد شد انتباه هذا الأمر، فيكون بالنسبة له "يا دار ما دخلك
شر" لتستمر "قشرته بهذا الرزق". فتجد اسم شارع "لينينسكي
بروسبيكت" في أكثر من مدينة وشارع الشاعر الورسي العظيم "بوشكين"
وغيره من الأعلام الكلاسيكيين وزعماء العهد السوفيتي كذلك في أكثر من مدينة، أما
البنايات السكنية فحدث ولا حرج، فغير المباني القديمة أنجزت الدولة السوفيتية في
إطار خططها السكنية وسياساتها الإسكانية القائمة على المنهج الاشتراكي، تكاد تكون
إن لم تكن متطابقة حذوك الخريطة بالخريطة واللون باللون.
هذه الملاحظة جسدها فيلم سوفيتي انتجته الآلة
السينمائية في خواتيم السبعينيات من القرن الماضي، وكأنها تشتم روائح العهد الجديد
المقبل، مطلع التسعينات. فكان الفيلم الأكثر نقداً للحياة الرتيبة والمتشابهة في
كل تفاصيلها. وهو عبارة عن قصة خيالية اطلق عليه اسم "نعيما" او سخرية
القدر" أخرجه إلدار ريزانوف.
تدور أحداث الفيلم حول طقوس الاحتفال بعيد
رأس السنة الميلادية والاستعدادات التي تسبقه تمهيداً للدخول في عام جديد مليء
بالآمال والسعادة وبشريات الخير.
وعادة ما يحتفي السوفييت بهذه المناسبة
المركزية بالنسبة لهم في ذلك الوقت بتناول الكحول، إذ لا احتفالات دينية بخلاف
الاحتفال بعيد المرأة وعيد العمال وعيد النصر في 9 مايو ثم عيد الثورة في 17
أكتوبر من كل عام. ويجمع المشهد الأول طبيب وثلاثة من أصدقائه يتجهون إلى حمام
ساونا روسي استعداداً للاحتفال مساءاً ووداع واحد من مجموعتهم كان مقرراً ان يسافر
من موسكو إلى مدينة لينينغراد "بطرسبورغ حالياً"، والاحتفال لابد ان
يكون بمائدة ملئية بالمحدقات وزجاجات الخمر، وخمرهم المفضل هو الفودكا.
تواصل الاحتفال وغاب اثنان من الأصدقاء
الأربعة عن الوعي فيما بدا الآخران، أحدهما الطبيب ويدعى "يفغيني"، أكثر
تماسكا وهما يتجادلان حول من هو الشخص الذي يجب أن يسافر. وأخيراً استقر الرأي على
أنا المسافر هو الطبيب "يفغيني" ومن المفارقات حبيبته تنتظره في هذه
الليلة للتقدم لخطبتها رسمياً.
على حسب
"السكرة" يسافر يفغيني ويصل في ذات الليلة إلى "لينينغراد"، وكل ذلك وهو لا يعي ما حوله معتقداً إنه متجه إلى
منزله في موسكو. يتجه "يفغيني" مستغلاً تاكسياً إلى العنوان الذي هو نفس
عنوان شقته في موسكو ويفتح باب الشقة بمفتاحه ويستسلم لنوم عميق بغعل
"السكرة". وفجأة تدخل صاحبة الشقة "ناديجدا" وتوقظه من نومه
محاولة طرده قبل أن يصل خطيبها للاحتفال معها بمناسبة رأس السنة.
تنتهي القصة وسط مشاعر متباينة يربطها الحب
والغيرة بين "يفغيني" و"ناديجدا" وتسافر معه إلى موسكو للتعرف
على أهله.
عدد من الأشخاص الفضلاء يحملون اسم
"امير بابكر عبد الله" ثلاثيا، لا أدري إن كانت لهم اهتمامات بالكتابة
ولكن بكل تأكيد لهم شخصياتهم وقدراتهم واسهاماتهم في مجالاتهم. وليت "أمير
الآخر" لا يخطيء عنوان شقته في قروب آخر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق