ورشة أوضاع حرية التعبير

أمير بابكر عبدالله

ابتدرت طيبة برس بالتعاون مع اتحاد الكتاب السودانيين سلسلة ورش عمل حول الحريات العامة بورشة حول أوضاع حرية التعبير في السودان. هذا النوع من النشاط الذي تؤديه منظمات المجتمع المدني مطلوب وبكثافة، للكشف عن مواطن الضعف والثغرات وبلورة رأي عام في سبيل تجاوز السلبيات وتعزيز الإيجابيات. ولأن حرية التعبير محكومة بجملة قوانين تعيق حركة الإبداع وحرية النشر والعمل الصحفي، تناولت الورشة قانوني المصنفات الفنية والأدبية وقانون الصحافة.

أستاذان جليلان –طه إبراهيم ودكتور أمين مكي مدني- قدما ورقتين كلاً منها تتعلق بقانون، وعقب عليها آخرون في إفادات وتجارب عملية سواء على مستوى المصنفات الفنية التي لم تجز بعض الأعمال لأسباب لا علاقة لها بالإبداع ومعاييره أو على مستوى منع النشر ومنع الصحفيين من الكتابة. هذه الوقائع جاءت متسقة مع الورقتين بحيث طرح تساؤل موضوعي حول جدوى قانون المصنفات وجدوى مجلس الصحافة والمطبوعات طالما أن هناك قوانين أخرى وأجهزة تتقاطع سلطاتها مع تلك القوانين ويمكنها تجاوز مجلس الصحافة ومجلس المصنفات بنصوص قانونية، وطالما أن من حق صاحب المصنف اللجوء للقضاء في خاتمة المطاف.

من الإفادات المهمة تلك التي قدمها الروائي عبد العزيز بركة ساكن مكتوبة، وقرئت نيابة عنه، وذكر فيه أن احد الذين رفضت لجنة النصوص التابعة لمجلس المصنفات إجازة اعمالهم الفنية كان رئيساً في يوم ما للجنة المصنفات الفنية والأدبية، وهو نفسه رفض أعمالاً كثيرة والآن يسقى من الكأس ذاتها بمرارة تأباها نفسه كثيراً، ونراه يحتج الآن ليس ضد القانون، ولا ضد مصادرة الحريات، ولكنه يتحدث عن صياغة اللجان وتشكيلها، ويخلص إلى أنه قد يؤسس لمصادرة وكبت الحريات يصورة تضمن مرور أعماله هو في الأساس ولا يهم الآخرين. وأرى أن (ساكن) وفق في تشبيه المصنفات بآلة العقاب في قصة فرانز كافكا التي تأكل الجلادين أنفسهم.

لكن الشهادة الأهم في كل هذا الذي دار هو ما قالت به المستشارة القانونية لمجلس المصنفات الفنية والأدبية الأستاذة آمنة الصادق، التي اعترقت وأقرت بالقصور الكبير في قانون المصنفات وعزت ذلك إلى أن من وضعوه حينها "لم يكن فهمهم واسع ولكننا الآن في منتصف الطريق لحماية الإبداع" كما قالت إن موظف الدولة لا يملك القدرة على تقييم العمل الإبداعي، وهو اعتراف نادر من ممثل لجهاز حكومي في هذا الزمان. فقد حضرت الأستاذة آمنة ممثلة لمجلس المصنفات ولكن يبدو أن صفتها المهنية تغلبت على الدفاع عن الباطل.

ولعل السؤال الأبرز كان عن جدوى تعديل قانون الصحافة والمطبوعات في ظل وجود قوانين أخرى، او كما ورد على لسان د. أمين مكي مدني عن جدوى لمجلس الصحافة والمطبوعات طالما حدد القانون المبادئ الأساسية لحرية الصحافة والصحفيين، وطالما هناك اتحاد للصحفيين يتولى ذات مهامه، كما تساءل عن مدى استقلالية المجلس في ضوء تكوينه وغالبية أعضائه من الموالين للحزب الحاكم، وعن معنى سلطات المجلس النظر في مخالفات القانون وشكاوى النشر وتوقيع الجزاءات وتعليق الصحف طالما هناك سلطة قضائية مستقلة مختصة بالنظر في مخالفات جميع القوانين. وما مدى نجاحات وانجازات المجلس في مهامه خاصة حماية وتكريس حرية الصحافة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق