ناس المرور .. سلام


أمير بابكر عبدالله

شرطة المرور بزي أفرادها الناصع البياض، تضفي على زوايا وأركان الشارع العام قدراً من الطمأنينة للبعض وبعبعاً لآخرين، ولا يحتاج الأمر لتفسير. ما دعاني للكتابة عن شرطة المرور وقانونه بعض الملاحظات التي تستدعي الوقوف عندها، فهي الجهة المناط بها، غير تنظيم حركة المرور وفك الاختناقات في الطرقات والحملات من حين لآخر لإشهار دفتر الإيصالات في وجه من يتم ضبطهم (صدفة)، المحافظة على أرواح الراكبين والراجلين من خطر الاستخدام السيئ للمركبات (المركبات نفسها أو من يقودها).

الملاحظة الأولى هي كثرة المخالفات التي تحدث أثناء حركة السير دون رادع، فشرطي المرور ينتظر أن يجد شخصاً (سائقاً) مخالفاً بأن يترصده في الشارع العام لينتزع منه غرامة عدم الترخيص، ولن نتحدث هنا عن أورنيك 15 ووزارة المالية فهذا موضوع آخر، أو يكتشف صدفة أو من خلال حملة منظمة بأن السائق لا يحمل رخصة. أصحاب الخبرة يتجنبون الشوراع التي توقعهم تحت طائلة إيصال المرور. وملاحظة لصيقة بهذا الأمر أن السائق بعد تحرير المخالفة يكون أكثر جراة في ارتكاب المخالفات (لأن لديه مستند سيبرزه إذا ما اعترضه رجل مرور مرة أخرى خلال اليوم). يمكن تقدير المخالفات المرورية التي ترتكب دون أن تضبطها الشرطة، من تجاوز خطأ او كسر إشارة مرور او قيادة باستهتار أو عدم ترخيص أو قيادة بدون رخصة، بأنها تفوق ما يحرره رجال شرطة المرور بأكثر من مائة مرة، لأنها تنتظر أن تأتيها المخالفة برجليها.
الملاحظة الثانية هي موضوع التأمين وسأروي حدث بسيط ليكشف مدى فداحة طرق التفكير فيها، وهذا يتطلب إعادة النظر أو إيجاد معالجات في صلب القانون لتفادي الاستهتار الذي يكشف عنه هذا الحدث. في شارع عام فتاة أنيقة تقود سيارتها بكل هدوء، أرادت ان (تركن) سيارتها على جانب الطريق فاعترضها أحدهم بحجة أنه ستصطدم بسيارته الواقفة أصلاً، فردت عليه "وإيه يعني عربتي مؤمنة وسيدفعون لك كل خسارتك ناس التأمين". كثير من سائقي المركبات عامة وخاصة يستهترون بممتلكات وحياة البشر لأن التأمين يغطي ما يرتكبونه نتيجة لاستهتارهم. فإحدهم وباستهتار يمكنه أن يصيب راكباً او راجلاً أو يودي بحياته، فيطلق سراحه بعد أن يبرز شهادة التأمين. ما الذي يردعني عن هذا طالما هناك جهة تدفع وليس هناك، والأمر فقط متعلق بمبلغ من المال مهما كان حجم الحادث أو نوعه. إن هذه الطريقة تدفع كثير من السائقين إلى الاستهتار وعدم الاهتمام لا بالمركبة التي يقودها ولا بالمارة ولا بالمركبات الأخرى ولا حتى بالطريق.
الملاحظة الثالثة هي الرخص الممنوحة لقيادة المركبات العامة، فالقانون يمنح المواطن حق الحصول على رخصة قيادة خاصة بعد بلوغه سن معينة، وهذا شيء جيد. وتمنحه حق قيادة مركبة عامة بعد عامين من حصول على رخصة القيادة الخاصة، بعد إجراء إمتحانات في القيادة على نوع مختلف من المركبات. لكن هناك أشياء متعلقة بالمركبة العامة، واعني هنا البصات والحافلات وكل المركبات التي تعمل على نقل البشر بصيغة تجارية لا يمكن أن تخضع فيها امتحانات، مثل ضمان حسن السير والسلوك، الإنضباط وغيرها التي لا تلعب دوراً مهماً في الحفاظ على حياة الركاب وتقليل الحوادث من هذا النوع الذي نسمع عنه كل أسبوع إن لم يكن يومياً.
أقترح هنا بخصوص الملاحظة الثالثة أن تمنح الرخصة العامة على مرحلتين. المرحلة الأولى أن يمنح الشخص رخصة قيادة مركبة عامة لقيادة مركبات النقل من شاحنات أو نقل سلع ومنتجات وغيرها بعد خمس سنوات من منحه الرخصة الخاصة وتمنح هذه المرحلة الدرجة (ب). المرحلة الثانية منح الشخص رخصة قيادة عامة لقيادة مركبات نقل الركاب (البصات السفرية والحافلات والتاكسي) بعد أن يبلغ الشخص 45 عاماً وتمنح الدرجة (أ)، ولا تمنح إلا بعد توصية من اتحاد أو جهة تختص بهذا النوع من النقل. أي الحاصل على رخصة من الدرجة (أ) يحق له قيادة جميع أنواع المركبات، أما الحاصل على الدرجة (ب) لا يحق له قيادة بص سفري أو حافلة نقل داخلي أو تاكسي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق