الإسلاميون نسخة جديدة


أمير بابكر عبدالله
يمكن للشعب السوداني أن يتفاءل خيراً، وأن يشعر بكثير من الراحة وهو يرى من حوله نتائج ثورات الربيع العربي التي قفزت بالإسلاميين إلى مراكز متقدمة في سلم الحكم واقترابهم من كراسي السلطة في بلدانهم، وربما بعضهم يحتاج لدفعة إنقلابية إن فكر بالطريقة السودانية لتسرع به لتحقيق ذلك وهم يضعون خلفهم إطار يحمل بين جنباته القول المأثور "العجلة من الشيطان".
سبب التفاؤل بالخير والشعور بالراحة لأن الله عجل بابتلاء السودان والسودانيين بربيع الإسلاميين فيهم، على عكس دول الربيع العربي، وكشف نتاج ذلك الربيعوأزهار وثماره ه، طعمه ورائحته. وسبب آخر يدعو للفخر بالتقدم على تلك الدول وشعوبها بأنهم لاحقون ونحن السابقون في مضمار حكم الإسلاميين، وأننا قدمنا لهم الدرس البيِّن والتجربة العملية لشاعر "هي لله لا للسلطة ولا للجاه".
لقد تقدمنا عليهم بتجربة عملية قاربت الربع قرن، وعليهم أن يضعوا في حساباتهم القول المنسوب للاستاذ محمد محمد طه الذي قيل أنه حدث به بعض الطلاب في العام 1977 "من الأفضل للشعب السودانى أن يمر بتجربة جماعة الهوس الدينى وسوف تكون تجربة مفيدة للغاية ، إذ أنها بلا شك ستبين لأبناء هذا الشعب زيف شعارات هذه الجماعة وسوف تسيطر هذه الجماعة على السودان سياسيا وإقتصاديا حتى ولو بالوسائل العسكرية وسوف يذيقون الشعب الأمرين . وسوف يدخلون البلاد فى فتنة تحيل نهارها إلى ليل وسوف تنتهى فيما بينهم وسوف يقتلعون من أرض السودان إقتلاعا."
أزهار وثمار ربيع الإسلاميين في السودان وصل طعمها ورائحتها إلى دول الربيع العربي وإسلامييها تحديداً، ولأنهم يجيدون فن المراوغة والتلون في سبيل بلوغ مراميهم وتحقيق مصالحهم، باتوا ينظرون إلى تجربة إخوانهم في السودان بحذر، ويشككون في أصالتها باعتبارها تجربة تستحق الاقتداء بها "طبعاً باستثناء حماس فلسطين لأسباب واضحة". الحذر مصدره الخوف من مآلات التجربة السودانية التي أوردت البلاد موارد التهلكة، فهي قادت إلى تقسيم السودان وشعبه يعاني ما يعاني من فقر ومرض والحروب دائرة في معظم أطرافه والعالم ينتظر اللحظة التي ينقض فيها عليه بعد أن يصير جثة، أما التشكيك في الأصالة فمصدره الإحساس بالاستعلاء على ما كل هو سوداني حتى لو كانت تجربة فاشلة، فكيف لتجربة إسلامية ناجحة أن تصدر من السودان وهي دولة مشكوك في عروبتها كاملة الدسم، وحمدوا الله كثيراً على ما آلت إليه.
الآن يبحث الإسلاميون في تلك الدول، وبعد نجاح الثورات العربية، عن نسخة جديدة تتوافق مع العصر، وتستلهم التجارب الإنسانية في الحكم وإدارة شؤون الدولة بعيداً. وما يحسب لهم ابتدارهم لمراجعاتهم في هذا الشأن منذ وقت مبكر، وهم تحت وطأة القهر والقمع الذي مارسته الأنظمة الحاكمة عليهم. وهو ما لمسوه في حكم إخوانهم الإسلاميين في السودان أيضاً وممارساتهم ضد معارضيهم، فكان لا بد لهم من الخروج من مأزق خندق الرؤى الأحادية إلى رحاب الدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع وتمكنهم من المساهمة في إدارة اوطانهم.
لن يستوعب إسلاميو السودان الدرس فعقولهم متكلسة، أو كما كتب د. حيدر إبراهيم في مقدمة كتابه "مراجعات الإسلاميين السودانيين" (طغي الاحساس بالتفرد بين الاسلامويين، وتملكهم احساس الطليعة المؤمنة – كما ذكر (مكي) في إحدي المناسبات. كل هذا تسبب في قدر كبير من المكابرة، والشعور بالعصمة، وامتلاك الحقيقة المطلقة، وبعيدين عن المؤمن التّواب والنواب.)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق