في تذكر مولانا فيصل مسلم - من دفاتري القديمة

 حاولت ولم أستطع يا مولانا فيصل مسلم

أمير بابكر عبد الله

قلبت دفاتري يا صديق فوجدت رسالتك لي. 

أذكر ذلك اليوم جيداً .. كان عشية سفري إلى الدوحة.. منتصف النهار  انتظرتك في برج البركة بوسط الخرطوم بعد إصرارك على وداعي عيانا بيانا.. بدلا من الاكتفاء بالتلفون مثل كثيرين.. رغم ما يعنيه حضورك من مشقة ستتجشمها.

الصورة: مولانا فيصل - موقع عدوليس

حضرت وعيناك يملأهما فرح .. حاملاً في يدك اليسرى رسالة يحتويها ظرف مائل لونه للإصفرار.

لم يستغرق لقاءنا سوى بضع دقائق.. ودعتني وسلمتني مع الرسالة مبلغ 65 دولاراً بإصرار .. قلت إنها ستعينني في أيام الغربة الأولى وأنت تأمرني بألا أفتح الرسالة إلا في الدوحة. 

بعد أن غادرت متلحفا جلبابك الأبيض كما سريرتك.. تأملت الظرف من الخارج مكتوب فيه بخط أنيق يشبهك:

(الإخوة اميروف)!

غادرت الخرطوم اليوم التالي في 9 فبراير 2016، وبمجرد وصولي مقر إقامتي فتحت الرسالة وانتابتني مشاعر شتى حينها.

اليوم تلقيت نبأ رحيلك يا مولانا فيصل .. لم أجد سوى تلك الرسالة لأعزي بها نفسي وانت العالم بحرِّ الغربة وزمهريرها .. أخرجت الظرف من مخبئه.. بذات اللون والرائحة ولون الحبر..

(الإخوة اميروف)!

التاريخ 8 / 2 / 2016

في شأن مفارق "عينه ما قوية"!

* في CHAT ، مع شيخ بقاري، قبل أربعة عقود خلت، وكنت أحكي له عن كثرة تنقلاتي في أرجاء الوطن، علق بالقول: يا وليدي كتر الزقل بيعشق السفروق.  وها هو "سفروقك" قد "عشق" في الدوحة!

*طلبت منك في آخر رسالة مساء الأمس ألا تفكر في العودة إلا حاملها بيتك فوق ظهرك كما سلحفاة!

* هل كانت لك أي اهتمامات سينمائية؟ إن كان الرد بالإيجاب، هل شاهدت فيلم  For Fistful of Dollars، من أجل حفنة دولارات؟ قصدت ان تكون هذه الحفنة بهذه الفئات denomination بلغة البنكجية؛ لا لشيء في نفس يعقوب، بل لأكفيك شر (يعاقبة) مطار الخرطوم أولا. ولأن ( الحصاة بتسند الزير) ثانية.. ( وايه يعني يا يعقوب .. اعتبرني هاوي جمع عملات)!

* وبلاش ياخي حكاية تتلب الخرطوم بمناسبة وبدون مناسبة؛ إلا بالطبع، للضرورات القصوى، وكفانا الله شر العوارض ما ظهر منها وما بطن.

* لا يغرنك أن في بلاد الأعراب إجازات مدفوعة الأجر، وأخرى تباع وتشترى. أي حضور للسودان له تكلفته الباهظة خصما على ما تحاول ادخاره في منفاك الاختياري ولن تعود بعريشة على ظهرك! وتذكر دائما بأن وراءك خلف وزغب حواصل، لا نظام ( خالف)؛ بل نظام ( خالف رجله) الكسيحة!!!

* إضرب كفك الطايل ما ترى الجنزير سمح وخايل! اسمع عنك كل خير، وإن شاء الله ما آخر وداع يا صديق يا مريح يا صابر.

اخوك فيصل

هذه كانت رسالتك.. قرأتها حين غادرت انا الوطن ، وها أنا أقرأها الآن امام الملأ حين غادرت انت الدنيا.

وكما يقول اهلنا ( خربانا ام بنايا قش)!

ألف رحمة تتنزل عليك، وجعل الله مثواك الجنة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق