عثمان فضل الله لـ"المدونة": البلاد تسرع الخطى نحو الحرب الأهلية

إرتفع عدد قتلى النزاعات القبلية المسلحة خلال هذا العام 2022 بنسبة 33% مقارنة بالعام الماضي. وذكر خبر لموقع "سودان تربيون" بتاريخ 19 ديسمبر الجاري إن تقارير أممية كشفت عن تسبب أعمال العنف القبلي بأقاليم دارفور وكردفان والنيل الأزرق، في مقتل 896 شخصاً وتشريد 298 آخرين خلال العام 2022.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان (أوتشا)، بحسب إحصائية  جديدة أطلع عليها (سودان تربيون)؛ إنه "في 2022، نزح 298 ألف شخص وقُتل 896 آخرون فيما أصيب 1092 فرداً، نتيجة للنزاع والعنف".


وارتفع عدد قتلى النزاع، وفقاً للمكتب، بنسبة 33% مقارنة بالعام الماضي، بينما زاد عدد الجرحى بمعدل 125% عن 2021؛ إما النازحون فقد كانوا أقل بنسبة 19%.. وأشار المكتب إلى نزوح 32 ألف شخص من غرب كردفان والنيل الأزرق في أعقاب الاشتباكات الطائفية، ليزيد بذلك عدد النازحين عن آخر إحصائية مُعلنة بـ 3.7 مليون شخص.

وتلقى المكتب بلاغات بـ 334 حادثاً أمنياً بسبب النزاع المحلي والهجمات المسلحة في هذا العام، وذلك مقارنة بـ 238 حادثة في 2021.

وقال المكتب إن الشركاء الإنسانيون وصلوا هذا العام إلى 9.1 مليون شخصاً وقدموا لهم نوعاً من المساعدة الإنسانية، لكن "في كثير من الحالات لم تكن حزم المساعدة كاملة حيث كان على الولايات تقليل نطاق الاستجابة بسبب نقص التمويل".

استضاف المرصد الصحفي بمدونة "دفاتر أمير" الكاتب والصحفي عثمان فضل الله مدير مركز آرتكل للتدريب والانتاج الإعلامي للتعليق على هذا الخبر، فقال إن الشائع عن المنظمات الدولية عادة هو تضخيم الأرقام طمعاً في إيفاء المانحين بإلتزاماتهم، لكن بنظرة فاحصة للأرقام التي أوردها مكتب "أوتشا" بشأن الحالة السودانية يمكن القول بأنها تماثل الواقع إن لم تكن أقل.

وذهب فضل الله إلى أن هذا الحجم من أرقام ضحايا النزاعات القبلية يشير بوضوح إلى أن هناك مؤامرة كبرى تحاك بعناية فائقة وبأيد ماهرة لجر البلاد الي حرب أهلية ويتحقق بذلك سيناريو الفوضى الذي بشر به منسوبو النظام السابق حال إسقاط حكمهم .

وأوضح  بأن اتساع دائرة العنف وتمددها، لتشمل مناطق جغرافية جديدة، وبذر الفتنة بين مكونات مجتمعية ظلت في حالة تعايش لمئات السنين مثل ماجرى في النيل الأزرق مؤخراً يعضد فرضية المؤامرة، وحديث  منسوبي النظام السابق المتكرر  عن سيناريو الفوضى يؤكد أن اصابعهم هي من تعبث بالمشهد  السوداني الحالي.

وقال فضل الله إن ارتفاع حدة العنف خلال العام الاخير تكشف حالة اليأس والإحباط التي أصابت الاسلاميين بعد أن بدأت آمالهم في استعادة سلطانهم تتضاءل أمام إصرار الشعب السوداني على شعارات ثورته ما جعلهم يلجأون الي إشاعة الفوضى التي كثيراً ما لوحوا بها.

وأشار إلى أن ما يجري في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق والتوتر في الشرق لا ينفصل عن ما يجري في صوالين الخرطوم، وقال إن ذلك يتضح من خلال محاولات  إنشاء حركات  مسلحة في الشمال والوسط، بل إعلان ذلك من خلال منابر إعلامية في العاصمة دون محاسبة، والتي وصلت حتى يوم ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٢ الي ثلاثة حركات معلنة بشكل رسمي درع الشمال ودرع البطانة  وقوة شرق السودان التي أعلن عنها الأول من امس الأمين العام لمجلس نظارات البجا والعموديات المستقلة.

وعن علاقة تدهور الحالة الأمنية باتفاق سلام جوبا، قال مدير مركز آرتكل إن حركات دارفور الموقعة على اتفاق سلام جوبا فقدت تأثيرها في الميدان وباتت مجرد واجهات فقط أو (كناتين) لعرض خدماتها العسكرية على من يحتاجها، في الوقت الذي تسيطر فيه القبيلة والإدارة الأهلية وتؤثر على مجريات الأحداث، مشيراً إلى أن هذه الإدارات هي أقرب للمؤسسة العسكرية التقليدية تاريخياً، والتي سرعان ما استعادت سيطرتها على القيادات الأهلية بعد أن تأثرت مؤقتاً بشعارات الحركات المسلحة.

وقال فضل الله إن اتفاق جوبا لم يكن متوقعا منه أن يجلب سلاماً حقيقياً مع الحالة الاقتصادية المتردية في البلاد "والتي تعاني منها بصورة أكبر الأقاليم المتأثرة بالحرب، مما يجعل اللجوء إلى البندقية هو الأقرب للاستيلاء على أكبر قدر من الموارد". وأضاف بأن اتفاق سلام جوبا يعاني من فقدان الدعم الدولي اللازم سياسياً واقتصادياً "مما جعله اتفاقاً يتيماً عاجزا عن نفخ الروح في مسودته الميتة"

 ورشح فضل الله سيناريو انهيار اتفاق سلام جوبا وعودة الحرب إلى إقليم دارفور وتوسعها لتشمل أقاليم أخرى في مقدمتها  الخرطوم العاصمة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق